المنطقة العربية: تحديات تتعاظم وتجاوب القيادة الرسمية لا يرتقي الى المستوى
تشهد المنطقة العربية تطورات خطيرة لاسيما في دول الربيع العربي. فمصر تمر بمخاض معقد نتيجة الصراع المفتوح بين حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للاخوان المسلمين الحاكم والقوى الاسلامية وبعض الدول العربية المساندة لها من جهة وبين قوى المعارضة الشعبية التي ترفض الاداء الاقصائي الذي يمارسه الحزب الحاكم والتدابير الاقتصادية والمالية التي يتخذها انسجاما مع توجهات صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على القرض المالي.
تواجه تونس احتجاجات غاضبة فجرها اغتيال بلعيد شكري - السياسي المعارض البارز – أغرقت البلاد في أزمة لم تشهدها منذ اندلاع الثورة قبل عامين. كما تمر تونس بمرحلة معقدة نتيجة الممارسات الترهيبية التي تقوم بها الروابط التابعة لحزب النهضة الحاكم. وقد تسببت هذه الروابط بالعديد من الاحداث الامنية نتيجة استهدافها للحريات الفردية والمناسبات الثقافية من بينها معارض للفنون التشكيلية ومراكز للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد انتهت المواجهات الى الاعلان عن اتفاقية بين الاتحاد والحكومة والقطاع الخاص.
وتدهورت الاوضاع في سوريا بشكل مأساوي، ففي حين يمارس النظام ابشع اشكال القتل بحق المدنيين مستخدما القنابل العنقودية المحرمة دوليا وسلاح الطيران، تقوم بعض المجموعات المسلحة باعمال اجرامية مرفوضة ومدانة. الا ان التطور الابرز هو الاعتداء الاسرائيلي الذي حصل في الاسابيع الماضية ضمن الاراضي السورية والذي يعتبر انتهاكا للسيادة وللقوانين الدولية. وهو عدوان مرفوض ومدان مهما كانت دوافعه واسبابه ويعتبر خرقا للقانون الدولي.
اسرائيل: دولة خارجة عن القانون
الا ان اسرائيل هي دولة خارجة عن القانون الدولي ولا تكترث لنظرة العالم اليها، اذ عمدت مؤخرا الى مقاطعة جلسات مجلس حقوق الانسان الذي التأم نهار 28 يناير لمناقشة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الانسان. فامتنعت عن تقديم تقريرها وفق الاصول المتبعة والتي خضعت لها كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين. ومن الواضح ان اسرائيل تتهرب من تحمل مسؤولياتها نتيجة الممارسات العدوانية والاجرامية بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة حيث نفذت هجوما عسكريا مدمرا ودمويا نهاية العام الماضي وكذلك في الضفة الغربية والقدس حيث تستمر سياسات التوسع الاستيطاني وبناء جدار الفصل العنصري المشين.
تشكل مقاطعة اسرائيل لجلسة المراجعة الدورية الشاملة امام مجلس حقوق الانسان ظاهرة تحصل للمرة الاولى منذ انطلاقها عام 2007، حيث يخشى ان تؤثر على عمليات المراجعة الدورية الشاملة التي تحولت بدورها الى محطات هامة لمساءلة الحكومات وممارساتها التي تنتهك حقوق الانسان، وفي مختلف المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
قمة الرياض
وفي ظل هذه التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة انعقدت القمة العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية في الرياض يومي 21و22 كانون الثاني/يناير لتناقش جدول اعمال لا يمت بصلة الى ما تواجهه شعوبها، فجاءت القمة روتينية ولم تعكس اي تحول في رؤية واداء المسؤولين العرب. علما ان الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة تتطلب تدابير استثنائية لمواجهتها.
وتجدر الاشارة الى ان استبعاد المجتمع المدني عن اعمال القمة واختصار مشاركته بمنتدى موازي هزيل انعقد في القاهرة قبل عشرة ايام من القمة وفق جدول اعمال فرضته الامانة العامة للجامعة العربية من دون التشاور مع ممثلين عن المجتمع المدني ولا يرتقي الى مستوى الاحداث والى المفهوم والدور المطلوب من المجتمع المدني، كما انه يعكس ذهنية تقليدية لا ترى في المجتمع المدني شريكا اساسيا في مواجهة التحديات. فركز جدول اعمال منتدى المجتمع المدني على التعاون في مجال المساعدات الانسانية واعمال الاغاثة وعلى البرامج الكفيلة بتحقيق الاهداف الالفية للتنمية.
رغم كل التطورات والاحداث، يتجاهل الرؤساء والملوك ان المجتمع المدني هو شريك في مواكبة التحديات الناجمة عن عملية التحولات الديمقراطية في المنطقة وفي مناقشة الدساتير الجديدة ووضع القوانين الخاصة بتطوير العمل السياسي والاداء الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والثقافية. وبالتالي فان القيادة العربية التقليدية والجديدة التي تدين بوصولها لدماء مئات القتلى ولتضحيات الشعوب العربية غير قادرة على الاستجابة لمتطلبات المرحلة وهي بحاجة الى اعادة النظر بكل مواقفها وسياساتها والا فان الاوضاع في البلاد العربية لن تهدأ ولن تستكين.
Comments
Post a Comment